أعراس جماعية في اليمن تخفف عن الشباب تكاليف الزفاف

الأنباء أونلاين – متابعات :

تزخر العديد من محافظات اليمن بإقامة حفلات زفاف جماعية للكثير من المقبلين على الزواج، في مهرجانات فرائحية فريدة تصنع السعادة رغما عن أوجاع الظروف الصعبة التي ولدتها الحرب المستمرة منذ نحو تسع سنوات.

ويتم إقامة هذه الأعراس الجماعية بعد جمع مبالغ مالية رمزية من قبل أهالي المقبلين على الزواج ومبادرين وفاعلي خير ، وذلك لعدم مقدرة الكثيرين على تحمل تكاليف الزفاف بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها معظم اليمنيين.

وتوفر هذه المبادرات الاجتماعية معظم مستلزمات الزواج، فضلاً عن إحضار مطربين ومنسقين ومصورين بشكل تطوعي لإقامة مثل هذه المناسبات.

وتعد محافظة حضرموت واحدة من أهم المحافظات اليمنية التي تهتم بشكل متكرر بإقامة مثل هذه الأعراس، كتقليد سنوي مستمر في عدة مديريات.

في نهاية نيسان /أبريل الماضي، شهدت مديرية تريم بمحافظة حضرموت عرسا جماعيا، تم فيه زفاف 154 عريسا وعروسا.

واشترك في هذا الفرح الجماعي 50 لجنة تضم 1500 متطوع من الرجال والشباب والنساء، وتم تحضير وليمة حضرها 25 ألف فرد من الرجال والنساء، وأقيم حفل سمر، بمشاركة الجانب الرسمي والشعبي، فيما تستعد مناطق أخرى إقامة حفلات زفاف جماعية خلال الفترة القليلة المقبلة.

تخفيف الأعباء عن الشباب

يقول علي خميس صبيح نائب رئيس “لجنة مهرجان الحياة” للزواج الجماعي في مديرية تريم بمحافظة حضرموت، إن ” فكرة إقامة الأعراس الجماعية انطلقت منذ 20 عاما ، خصوصا في مديريات وادي حضرموت”.

وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) أن” هناك 15 لجنة تقيم زواجا جماعيا في مديرية تريم لوحدها، ويتفاوت عدد المشاركين فيها بين 30 عريسا وعروسا، وتصل ذروتها إلى 150 عريسا وعروسا”.

وأوضح صبيح الذي هو أيضا مسؤول حكومي يشغل منصب الأمين العام للمجلس المحلي في مديرية تريم، أن فكرة الزفاف الجماعي جاءت لتحقيق عدة أهداف منها” تيسير الزواج للشباب والشابات وحمايتهم من أي انحراف، وكذلك تخفيف الأعباء عن الأهالي وخاصة مع الظروف المعيشية الصعبة”.

كما تهدف إلى” تحقيق روح العمل التعاوني والتطوعي وتوريثه للأجيال كموروث تاريخي، وتفجير طاقات الشباب وإبداعاتهم وتسخيرها في خدمة أهلهم” ، وفق صبيح.

وشدد صبيح على أن ” الأعراس الجماعية صارت أمرا ضروريا كون الناس أحسوا بأهميتها لهم، لذا فهم محافظون عليها حيث تقام في بعض المناطق كل عام “.

ولفت إلى أن” إقامة العرس الجماعي يعد دعما لمن سيتزوج كونه يخفف الأعباء على الشاب بحوالي 50 في المئة مقارنة بما لو سيقيم الزواج منفردا “.

وأشار إلى أن” 60 في المئة من تكاليف هذا الزواج يتحمله الأهالي و30 بالمئة أعمال تطوعية تتمثل في أعمال يدوية وفنية وتوفير آليات ومعدات وسيارات وغيرها، و10 بالمئة يتم الدعم من فاعلي الخير “.

ويقول صبيح ” نشعر بارتياح كبير كوننا نخدم أهلنا وشبابنا بإقامة هذا العرس فهناك من الشباب من يقول إنه لو لم يقم الزفاف الجماعي لما استطاعوا الزواج، خصوصا أن بعضهم وصل عمرهم 40 عاما “.

واختتم صبيح قائلا “الزواجات الجماعية بحضرموت تظاهرة اجتماعية وثقافية وفنية فريدة تنم عن وعي حضاري وقناعات لدى الشباب منعا لإهدار المال والوقت والجهد… أهل حضرموت معروف عنهم أنهم أهل عمل وجد وكسب وتجارة ويحبون ويعشقون النظام”.

كفاح يواجه ضعف المعيشة

يستمر اليمنيون بالكفاح الدائم في سبيل مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، وذلك عن طريق خلق مبادرات ذاتية من قبل المجتمع لمعالجة الكثير من المشكلات، ومنها التكاليف الكبيرة للزواج.

في السياق، يتحدث أحمد محمد حديجان رئيس لجنة الزواج الجماعي في بلدة السويري بمحافظة حضرموت، قائلا إن” أعراس التيسير الجماعية في منطقته تأسست في عام 2008 بدافع مجتمعي و متطلب نابع عن الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها السكان” .

وأوضح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) أن “الحاجة إلى الأعراس الجماعية ليست اقتصادية بحتة، وإنما تكدس الأعراس الفردية في موسم الإجازة الصيفية الذي يسبب ضغوطا على الأهالي في توفير الوقت لحضور مراسيمها كونها في زمن متقارب”.

وأضاف “لهذا الأمر يحدث انقطاع لبعض الأفراد عن أعمالهم وبالذات في مجال الزراعة، إضافة إلى التكاليف التي تصاحب الأعراس الفردية والمتمثلة في نسخ متكرر لحفلات الزواج “.

وأشار إلى أن” فكرة هذه الأعراس قائمة على مبالغ مالية يتقدم بها المشاركون في كل عرس جماعي، ويساندهم المحسنون وأهل الخير في تقديم تبرعات مالية وعينية لإكمال لوحة الأفراح “.

وبين أن” كل عريس يحصل على استضافة أحبابه في وليمة عامة وسمر ومهرجان أفراح واسع يحضر مراسيمه ما بين 18 ألف شحص إلى 20 ألفا ، وبتكاليف مقبولة”.

ولفت حديجان إلى أنه” استمرت مسيرة الأعراس الجماعية في منطقته؛ وتكرر نجاحها في 14 نسخة سابقة استفاد منها 1170 عريسا وعروسا”.

وكشف حديجان أنه” تجري حاليا التحضيرات للعرس الجماعي الـ 15 في منطقته والذي يستفيد منه 122 عريسا وعروسا، وسيقام في 17 ذو الحجة الموافق 5 يوليو 2023″.

تعاون اجتماعي فريد

على الرغم من أوضاع اليمن المتفاقمة معيشيا واقتصاديا، واعتماد معظم السكان على المساعدات، ما زالت قيم الخير متأصلة ومتجذرة في البلد الفقير.

وتقول إفتخار عبده، الكاتبة المختصة بالشؤون الاجتماعية، إن الأعراس الجماعية سلوك دأب عليه اليمنيون منذ سنوات، وازدهر مؤخرا بشكل أكبر، وسط دعم وإشادات مستمرة من قبل العديد من السكان.

وأضافت لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، أن” الأعراس الجماعية تشجع الشباب وتساعدهم على الزواج، نظرا لتكفل فاعلي خير ومبادرين بجزء من التكاليف الباهظة لإتمام الزواج .

وأشارت إلى أن” ثمة جمعيات ومؤسسات خيرية تنفذ وتدعم إقامة أعراس جماعية بشكل متكرر بعدة محافظات، وتمنح الشباب مبالغ مالية تساعدهم في إتمام الزواج، وكذلك تدعم بشكل كامل إقامة حفلات الزفاف التي تكلف مبالغ مالية كبيرة قد تفوق المهور أحيانا”.

واعتبرت عبده إقامة الأعراس الجماعية” قيمة حميدة وتعاونا اجتماعيا فريدا يرسخ ثقافة الخير والتكافل في صفوف المجتمع اليمني، رغم الأوضاع الصعبة التي يعاني منها معظم السكان “.

نقلا عن وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى